فكيف يدعي - أبو رية - هذه الدعوى الطويلة العريضة الباطلة؟
وقد حاول البعض أن يجعل كتابة بعض الصحابة للحديث دليلا على أن الحديث الشريف إنما ورد بعين لفظه.
قال محمد عجاج الخطيب: ويقوى عندي أن معظم ما رواه الصحابة والتابعون كان بلفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
أن بعضهم كان يكتب الحديث بين يدي النبي الكريم.
وكانوا يعقدون الحلقات يتذاكرون فيها ما يسمعون منه عليه الصلاة والسلام (1).
أقول: هذا كلام بإجماله صحيح وجيد، إلا أن كتابة البعض، وتذاكر البعض ليس كافيا للحكم على معظم الحديث الشريف بكونه جاء بعين لفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذا كان الأصل - في حكم التدوين - هو الحرمة.
وإذا كانت رواية الحديث ونقله ممنوعة.
وإذا كان المنع - رواية وتدوينا - قد استمر طوال القرن الأول، وبصورة رسمية من قبل الخلفاء والحكام والولاة، بدءا بأبي بكر وعمر الأول، وحتى عهد عمر الثاني.
إذا تم ذلك، كان من الواضح عدم إمكان دعوى انضباط الحديث بلفظه الذي نطق به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.