حيث قد أثبتنا في الفصل الأول من القسم الثاني، إنه لم يرد في باب النهي عن التدوين خبر صحيح، إلا رواية أبي سعيد الخدري التي رواها مسلم - وقد أثبتنا أنها رواية معلولة، لأن أمرها يدور بين أن تكون مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو موقوفة على أبي سعيد نفسه.
وقلنا: إن مثل ذلك - حتى لو سمي صحيحا - فإنه لا يقاوم في الحجية ما دل على الجواز من الأخبار الصحيحة سندا والدالة بوضوح على المقصود.
وأما سائر روايات النهي، فكلها ضعيفة السند، كما سبق مفصلا.
وأما قوله: وقد استجاب أصحابه لهذا النهي:
فباطل أيضا:
لأنه لم يكن هناك نهي ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصلا، كما أثبتنا سابقا، فكيف يكون الصحابة التزموا بالنهي؟.
وقد أثبتنا في ما سبق أن الكتاب من الصحابة كانوا يباشرون عملية التدوين منذ عهد الرسالة، وبمرأى من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منه ومسمع، وحتى بعد وفاته، ولم ينقطعوا عن التدوين، كما لم ينقطعوا عن الرواية، بالرغم من معارضة السلطات لهم.
وقد أوردنا هناك أسماء من كتب منهم، وأسماء كتبهم.