الثانية منه هي: نقل الحديث على المعنى (1).
ومن الواضح أن نقل الحديث على المعنى، إنما يكون إذا لم يكن اللفظ محفوظا، كما إذا حدث الراوي من حفظه لا من كتابه، ولم يحفظ اللفظ مضبوطا، ولو كان الحديث مدونا مضبوطا، لم يحتج إلى النقل بالمعنى، حتى يؤدي إلى ذلك الاختلاف.
3 - وقال الجزائري - في الاحتجاج لجواز النقل بالمعنى -:
إن الصحابة كانوا يسمعون الأحاديث، ولا يكتبونها، ولا يكررون عليها، ثم يروونها بعد السنين الكثيرة، ومثل هذا يجزم الإنسان فيه بأن نفس العبارة لا تنضبط، بل المعنى فقط (2).
وحاصله: أن تأخر تدوين الحديث أدى إلى اختلاف الأحاديث، وكلف ذلك جهودا جبارة من العلماء للجمع بينها، والتوفيق بين الألفاظ المختلفة الدلالة على معانيها التي قد يعرضها تفاوت على مرور الأزمان، وخاصة عند اختلاف الاصطلاحات، أو على أثر ضعف القدرة اللغوية في الأجيال المتعاقبة بتجدد أوضاع جديدة، وغير ذلك، وكل تلك المسؤولية تقع على عاتق المانعين لتدوين الحديث.
فلو كان الحديث مدونا من البداية، بلفظ واحد، كانت النصوص متحدة، لا يعرضها مثل ذلك.
بل قد أثر ذلك في اختلاف الأحكام الفقهية بين الصحابة.