الواهية المجردة عن كل إثبات - قد ولى.
والمجال مفتوح لكل عاقل، عارف بأوليات العلوم أن يتابع بنفسه التاريخ، ويقرأ شواهده ليعرف أن أحاديث الفضائل رغم كل محاولات المعارضة، وتزوير أحاديث مناقضة، ورغم عمليات الإبادة والإحراق والدفن لكتب الحديث، ورغم إجراءات المنع والحبس والتشريد والتبعيد لرواته، قد وصل إلينا منها المقدار الكافي المقنع، بأيد أمينة من الصحابة الكرام، والتابعين الفضلاء.
وهي منقولة عن أهل السنة وطرقهم بأكثر وأوفر مما وصل إلينا من طرق الشيعة، وإن كانت الطرق الشيعية لخصوص هذه الأحاديث طرقا أمينة موثوقة، ليس فيها إلا رجال أتقياء حافظوا على الحديث فنقلوه، وجازفوا بحياتهم ووجودهم في تلك العصور المظلمة - عصور الجهل والظلم وحكم الفسقة من آل أمية وبني العباس (1) - فنقلوا هذه الأحاديث، بالرغم من مطاردة الحكام لهم، وتعريضهم لأجل ذلك لكل أنواع التهم والعذاب.
ولو كان رواة الفضائل - كما يريد أن يصورهم الظالمون - من طلاب الدنيا، وممن يريد أن يخرب الدين ويضرب قواعده، ويقتل أهله، فهل كان في تلك العصور سبيل أسهل وأقرب وأقوى من الدخول في سلك الحكام والتسلل إلى المناصب، وضرب أفضل ما يمت إلى هذا الدين بصلة، وهم علماء أهل البيت والأئمة من ذرية علي وفاطمة، وقتل الصحابة