فإن كل إنسان يشهد بوجدانه، بأن تقييد المعلومات بالكتابة هو من أحسن الوسائل لضبطها، وإبعادها عن الاختلاف، لما في الحفظ على الخاطر من المخاطر التي يتعرض لها ذهن الإنسان، من النسيان والغفلة والخلط بين الكلمات المتشابهة، وغير ذلك مما هو عارض لكل البشر، وليس المسلمون الأوائل مستثنين من ذلك.
ومما لا شك فيه ولا ريب أن كثيرا مما وقع في الحديث من الاختلاف في الألفاظ، وما تؤديه من الأحكام، إنما هو على أثر عدم وجود نص مضبوط للحديث الشريف.
2 - لاعتراف العلماء:
وقد اعترف بهذه الحقيقة عدة من العلماء المعترف بهم، ممن لا يشك فيهم:
1 - قال ابن عساكر في النقل من الحفظ ممن ضاعت كتبه، أو احترقت، أو دفنها، ثم حدث من حفظه، فلم يتقن الحفظ، ومن كان يعتمد المرسل، أو يسندون الموقوف، أو يسقطون الإسناد، أو يدخلون حديثا في حديث (1).
أقول: فكيف بمن لم يكتب أصلا، ولم يتعب نفسه بذلك؟!
2 - وقد جعل ابن السيد البطليوسي في كتابه (الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي توجب الاختلاف بين المسلمين) الباب الخامس في الخلاف العارض من جهة الرواية والنقل، وذكر فيه علل الحديث، والعلة