للرد على من ذم الإكثار من الرواية، فقال:
فصل في فضل الإكثار من الرواية للسنن، وذهب قوم إلى ذم الإكثار من الرواية ونسبوا ذلك إلى عمر...
وقولهم هذا داحض بالبرهان الظاهر، وهو أن يقال لمن ذم الإكثار من الرواية: أخبرنا، أخير هي أم شر؟ ولا سبيل إلى وجه ثالث.
فإن قال: هي خير، فالإكثار من الخير خير.
وإن قال هي شر، فالقليل من الشر شر، وهم قد أخذوا بنصيب وافر منه....
ثم نقول لهم: عرفونا حد الإكثار من الرواية، المذموم عندكم؟
لنعرف ما تكرهون؟ وحد الإقلال المستحب عندكم؟
إلى آخر ما قاله (1).
ومن هم الناس الذين لا يريد عمر اتساعهم في الرواية؟
أليسوا هم - في ذلك العهد - الصحابة الأمناء، الذين لا يرتاب فيهم، ولا يرتاب على الحديث منهم؟
هذا مع أن الوارد في حديث حبس عمر للصحابة إنما هو لفظ أفشيتم، لا أكثرتم، مما يدل على أن الجرم الذي من أجله جلب الصحابة وحبسهم هو مجرد ذكر الحديث ونشره وإذاعته، حتى لو لم يكن بحد الإكثار!.