وقد يخطر على البال أن ابن قتيبة - ومن تبعه - حملوا الروايات العامة في منع الحديث، على خصوص الإقلال، حملا للعام على الخاص.
لكن هذا غير صحيح، وذلك:
1 - لأن ابن قتيبة لم يذكر الأخبار العامة أصلا، ولا بالإشارة، فكيف ينسب إليه هذا التخصيص؟
2 - إن المخاطبين بقول عمر: أقلوا الرواية...، هم وفده إلى الكوفة، وأبو موسى الأشعري الذي أرسله إلى الكوفة، لكن الممنوعين من عامة الحديث هم غير هؤلاء، فمنهم أبو هريرة، وأبو ذر، وأبو مسعود، وغيرهم، ومن الواضح أن المخاطب بالكلام العام إذا اختلف عن المخاطب بالخاص، امتنع التخصيص.
فإذا كلف زيد بإكرام العلماء، وكلف عمرو بإكرام العلماء النحويين، لم يجز لزيد ترط؟ العام عملا بخطاب عمرو، وهذا واضح.
3 - إن التخصيص إنما يجري في الخطابين إذا كان أحدهما يحتوي على لفظ عام، والثاني على لفظ خاص، فيكون حمل العام على الخاص تخصيصا.
والمقام ليس كذلك، فإن الحبس الصادر من عمر لم يكن إلا عملا صدر منه، وعرفنا من عتابه لهم أن سبب الحبس هو أن الصحابة كانوا يروون الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولم ينههم لفظا عن رواية الحديث، كي يقال: إنه عام فيكون قابلا للتخصيص بقوله: أقلوا.
مضافا إلى أن ما سنورده على هذا التوجيه وارد على فرض إرادة