4 - ورأينا أن أهل البيت النبوي عليهم السلام أجمعوا على إباحة التدوين، بل ضرورته، وأثبتنا أن إجماعهم حجة يجب على الأمة اتباعه، ولهم في مجال التدوين آثار عظيمة.
5 - ورأينا أن سيرة المسلمين - في جميع العصور: عصر النبوة، وعصر الصحابة، وعصر التابعين، فما بعد هم إلى اليوم - قد استقرت على إباحة التدوين ومزاولته، من د ون تردد.
ومع كل هذه الأدلة المعتبرة، لم يبق لدينا ريب في إباحة التدوين منذ عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكن حراما في يوم من الأيام، ولم ينقطع في فترة سوى ما تعرض له من عمليات المنع، من قبل بعض الحكام، ولكنه لم يكن ذا أثر على الحديث، ولا على حكم التدوين، خاصة على من لم يلتزم - عقائديا - بشرعية تلك الإجراءات.
ولا أعتقد أن من يتمتع بالعلم، ويتصف بالإنصاف يمتنع من الاعتراف بهذه الحقيقة.
وقد أقر بها بعض علماء الحديث في العصر الحاضر، وصرحوا:
بأن معظم الثروة الحديثية قد كتب ودون بأقلام رواة في العصر الأول، وقد يزيد ما حفظ في الكتب والدفاتر - كتابة وتحريرا في العصر النبوي، وفي عصر الصحابة - على عشرة آلاف حديث.
وصرحوا: بأنه يمكن أن يقال: إن ما ثبت من الأحاديث الصحاح، واحتوت عليها مجاميعها، ومسانيدها، قد كتب ودون في عصر النبوة، وفي عصر الصحابة، قبل أن يدون في الموطأ والصحاح.