الثاني، يلزم أن يكون من عبد الله تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه مخلدا في النار كمن أشرك بالله مدة عمره، وذلك محال لقبحه عند العقلاء. انتهى.
- وفي بحار الأنوار ج 8 ص 370:
وقال شارح المقاصد: اختلف أهل الإسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة، فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب بل كلاهما في مشيئة الله تعالى، لكن على تقدير التعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار بل يخرج البتة، لا بطريق الوجوب على الله تعالى، بل مقتضى ما سبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة.
وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم، من غير عفو ولا إخراج من النار، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلط نشأ من قولهم: إن له المنزلة بين المنزلتين، أي حالة غير الإيمان والكفر.
وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلا وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل: قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى، إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين.
فجوابه: تخصيص ذلك العذاب بما يكون على سبيل الخلود.
وأما تمسكهم بمثل قوله (عليه السلام): من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق، فضعيف، لأنه إنما ينفي الخلود لا الدخول.
لنا وجوه: الأول، وهو العمدة: الآيات والأحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة، وليس ذلك قبل دخول النار وفاقا، فتعين أن يكون بعده وهو مسألة انقطاع العذاب، أو بدونه وهو مسألة العفو التام، قال الله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. من عمل صالحا منكم من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك