يمكن للباحث أن يتفهم أحاديث الحرمان من الشفاعة لمن ينتقد الصحابة، ويفسرها بأنها محاولة لتسكيت المسلمين عن الصحابي الحاكم وجماعته. ولكن بعض الحرمانات الواردة في الصحاح لا يستطيع أن يفهم لها علة ولا معنى، إلا بعد جهد جهيد، مثل حرمانهم الذي يصبغ شعره ولحيته بالسواد من الشفاعة والجنة!
فقد روت ذلك الصحاح كما في النسائي ج 8 ص 138 قال: عن ابن عباس رفعه أنه قال قوم يخضبون بهذا السواد آخر الزمان كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة. انتهى.
ورواه أبو داود في ج 2 ص 291.
وأحمد في ج 1 ص 273.
والبيهقي في سننه ج 7 ص 311.
- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 5 ص 163 رواية شديدة على المجرم الذي يصبغ شعره ولحيته بالسواد، وقال إنها موثقة عند ابن حنبل وابن معين وابن حبان قال: عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة. رواه الطبراني وفيه الوضين بن عطاء وثقه أحمد وابن معين وابن حبان، وضعفه من هو دونهم في المنزلة وبقية رجاله ثقات. انتهى.
وقد تحير في ذلك بعض أصحاب الصحاح.. ومن حقهم أن يتحيروا.. فمع أنهم عاشوا في القرن الثالث ولم يشهدوا القرن الأول ولا الثاني، ولكن عهدهم كان قريبا نسبيا، والمسألة واضحة وضوح اللحى! ومع ذلك وصلت إليهم أحاديث متناقضة فيها! فمنها أحاديث تقول إن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بتغيير الشيب ومخالفة اليهود الذين يحرمون صبغ الشيب، وأحاديث تقول إنه أمر بصبغه بالحناء، أي باللون الأحمر الذي تصبغ به العرب ونهى عن السواد لأنه خضاب الكفار! وأخرى تقول إنه أمر