والقاسية قلوبهم، وإن الظالمين لفي شقاق بعيد) فلما برأه الله عز وجل من سجع الشيطان وفتنته، انقلب المشركون بضلالهم وعداوتهم، فذكر الحديث، وقد تقدم في الهجرة إلى الحبشة. رواه الطبراني مرسلا وفيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة. انتهى.
فتبين من مجموع ذلك أن سند القصة في مصادر السنيين صحيح، ولا يصح القول بأن الواقدي تفرد بها، أو أن الصحاح لم تروها!!
نماذج من ردود علماء مذهب أهل البيت (عليهم السلام) على فرية الغرانيق - قال الشريف المرتضى في تنزيه الأنبياء ص 106:
مسألة: فإن قال فما معنى قوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم.
أوليس قد روي في ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رأى تولي قومه عنه شق عليه ما هم عليه من المباعدة والمنافرة وتمنى في نفسه أن يأتيه من الله تعالى ما يقارب بينه وبينهم وتمكن حب ذلك في قلبه، فلما أنزل الله تعالى عليه: والنجم إذا هوى، وتلاها عليهم، ألقى الشيطان على لسانه لما كان تمكن في نفسه من محبة مقاربتهم:
تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فلما سمعت قريش ذلك سرت به وأعجبهم ما زكى به آلهتهم، حتى انتهى إلى السجدة فسجد المؤمنون وسجد أيضا المشركون لما سمعوا من ذكر آلهتهم بما أعجبهم، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا مشرك إلا سجد، إلا الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخا كبيرا لا يستطيع السجود فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها، ثم تفرق الناس من المسجد وقريش مسرورة بما سمعت. وأتى جبرائيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) معاتبا على ذلك فحزن له حزنا شديدا. فأنزل الله تعالى عليه معزيا له ومسليا: وما أرسلنا من قبلك.. الآية.
قلنا: أما الآية فلا دلالة في ظاهرها على هذه الخرافة التي قصوها، وليس يقتضي