المرجئة ولدوا من عهد الخليفة عمر رأينا كيف وسعت دولة الخلافة القرشية شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله) حتى شملت كل من يشهد بالتوحيد فقط ولو لم يشهد بالنبوة..
ثم وسعتها إلى جميع الخلق، كما تقدم من رواياتهم وكلام ابن تيمية.
ثم استغنت عن شفاعة الأنبياء جميعا، وأوجبت الجنة بأعمال وكلمات بسيطة.
ثم استغنت عن كل ذلك، وقالت بفناء النار ونقل أهلها إلى الجنة!!
ولعل الخليفة عمر وكعب الأحبار رائدي هذه الأفكار ومن تابعهم عليها لم يلتفتوا إلى خطورتها الزائدة، وأنها تمثل مشروعا خطيرا لإسقاط كل المحرمات وتعويم الإيمان، في أمة نهضت بالإسلام والإيمان وأخذت تفتح بلاد الإمبراطورية الفارسية والرومانية، بلدا بعد آخر.. وهي بأمس الحاجة إلى حفظ شخصية جنودها وجديتهم، وعدم التساهل في مفاهيم إيمانهم.
على أي حال فالذي وقع في حياة الأمة، أن هذه الأفكار بمساعدة فكرة الجبر وأن الله تعالى قد فرغ من الأمر وكتب كل شئ وانتهى الأمر ولا بداء.. سرعان ما أثمرت مذهبين عقائديين مواليين للسلطة هما: المرجئة والقدرية، وقد تبنتهما السلطة وأيدت علماءهما وهيأت لهم الظروف لنشر أفكارهم في الأمة.
ويتلخص مذهب المرجئة بمقولتهم المشهورة (الإيمان لا تضر معه معصية) فالإيمان عندهم مجرد القول بالشهادتين، وبذلك يضمن الإنسان دخول الجنة مهما كان عمله!!
ويتلخص مذهب القدرية أو الجبرية: بأن مسؤولية الإنسان عن أعماله وجرائمه محدودة أو منتفية، لأن الخير والشر من الله تعالى، وكل شئ مكتوب ومقدر منه تعالى!!
ومن الواضح أن هذين المذهبين هما نفس الأفكار والأحاديث التي رأيناها في