فسألت مولاه متى سجد؟ فقال: قبل أن تأتينا، فلما سمع كلامي رفع رأسه ثم قال:
أبا محمد أدن مني فدنوت منه فسلمت عليه، فسمع صوتا خلفه فقال: ما هذه الأصوات المرتفعة؟ فقلت: هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة، فقال: إن القوم يريدوني فقم بنا، فقمت معه فلما أن رأوه نهضوا نحوه فقال لهم: كفوا أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان، فإني لست بمفت لكم، ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى، فلما خرج من المسجد قال لي يا أبا محمد والله لو أن إبليس سجد لله عز ذكره بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم، كما أمره الله عز وجل أن يسجد له.
وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيها (صلى الله عليه وآله) وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم (صلى الله عليه وآله) لهم فلن يقبل الله تبارك وتعالى لهم عملا، ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عز وجل من حيث أمرهم، ويتولوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عز وجل ورسوله لهم.
يا أبا محمد إن الله افترض على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) خمس فرائض: الصلاة والزكاة والصيام والحج وولايتنا، فرخص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة، ولم يرخص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا، لا والله ما فيها رخصة.
تورط أصحاب المذاهب الأربعة في الإرجاء للمرجئة في المذاهب الأربعة وفي الصحاح الستة مكانة محترمة حتى أن بعض أئمة المذاهب أنفسهم اتهموا بأنهم مرجئة.. قال في هامش كتاب المجروحين ج 3 ص 63: هناك تعليقات كثيرة على المخطوطة هاجمت ابن حبان لتحامله على أبي حنيفة، ومما هوجم من أجله والد أبي حنيفة... بأنه كان خبازا واعتبر المعلق ذلك غيبة تخرج عن حد الرأي في المحدث.
ونشير هنا إلى أن جد أبي حنيفة كان أحد أمراء بلاد الأفغان (مرزبان) واختلفت أقوال حفيده في مسألة أسر جده ثم عتقه، قال أحدهما: والله ما وقع لنا رق قط.