بل يمكن القول إنه بعد زوال العباسيين وكثير من الفرق لم ينته المرجئة، لأن أساس مذهبهم ومنبع أفكارهم الأحاديث التي دخلت الصحاح كما رأيت، ومن أراد أن يأخذ بها ويلتزم بلوازمها فلا بد له أن يكون مرجئا ويقول بسقوط المحرمات عمليا، ويكتفي بالشهادتين كما مر في توسيع الشفاعة!!
* * وأخيرا فقد نقل الدكتور المذكور تأسف المستشرق فون كريمر على ضياع تاريخ المرجئة بعد زوالهم قال في ج 1 ص 418:
ويقول فون كريمر: ومما يؤسف له كثيرا أنه ليس لدينا غير القيل من الأخبار الصحيحة عن هذه الطائفة، فقد استمروا طوال ذلك العصر وذاقوا حلوه ومره، وقد ضاعت جميع المصادر التاريخية العربية عن الأمويين، حتى أن أقدم المصادر التاريخية التي وصلت إلينا إنما ترجع إلى عهد العباسيين، ومن ثم كان لزوما علينا أن نستقي معلوماتنا عن المرجئة من تلك الشذرات المبعثرة في مؤلفات كتاب العرب في ذلك العصر الثاني. انتهى.
وهو تأسف ظاهره علمي وواقعه البكاء على المرجئة لما اشتهر عنهم وعن الأمويين من تفضيلهم التعايش مع المسيحيين واليهود على التعايش مع من خالفهم من المسلمين.. وهو تأسف يجعلنا نلمس صدق قول الإمام محمد الباقر (عليه السلام) عن المرجئة بأنهم أشبه باليهود من الليل بالليل، وذلك لجرأتهم على إسقاط قانون العقوبة الإلهي، وقولهم إن المسلم مهما ارتكب من جرائم فلن تمسه النار حتى أياما معدودة، فليس غريبا أن يحبهم ويتأسف عليهم المستشرقون من اليهود والنصارى!
* * المرجئة والجبرية شقيقان لأب وأم مع أن مذهب المرجئة مذهب في الثواب والعقاب ولا علاقة له بالقضاء والقدر