عمد كبير وكل مرتكب لمعصية متعمدا لها فهو مرتكب لكبيرة...
واختلفت المعتزلة في غفران الصغائر... فقال قائلون: إن الله سبحانه يغفر الصغائر إذا اجتنبت الكبائر تفضلا.. وقال قائلون: لا يغفر الصغائر إلا بالتوبة.
- وقال في شرح المواقف ج 8 ص 303:
أوجب جميع المعتزلة والخوارج عقاب صاحب الكبيرة إذا مات بلا توبة، ولم يجوزوا أن يعفو الله عنه، لوجهين: الأول أنه تعالى أوعد بالعقاب على الكبائر وأخبر به أي بالعقاب عليها، فلو لم يعاقب على الكبيرة وعفا لزم الخلف في وعيده والكذب في خبره، وإنه محال.
الجواب: غايته وقوع العقاب فأين وجوبه الذي كلامنا فيه، إذ لا شبهة في أن عد الوجوب مع الوقوع لا يستلزم خلفا ولا كذبا.
قالت المعتزلة والخوارج: صاحب الكبيرة إذا لم يتب عنها مخلد في النار ولا يخرج منها أبدا. وعمدتهم في إثبات ما ادعوه دليل عقلي هو أن الفاسق يستحق العقاب بفسقه، واستحقاق العقاب بل العقاب مضرة خالصة لا يشوبها ما يخالفها دائمة لا تنقطع أبدا. واستحقاق الثواب بل الثواب منفعة خالصة عن الشوائب دائمة. والجمع بينهما أي بين استحقاقهما محال، كما أن الجمع بينهما محال.
- وقال في شرح المواقف ج 8 ص 334:
مرتكب الكبيرة من أهل الصلاة أي من أهل القبلة مؤمن، وقد تقدم بيانه في مسألة حقيقة الإيمان وغرضنا هاهنا ذكر مذهب المخالفين والجواب عن شبهتهم:
ذهب الخوارج إلى أنه كافر، والحسن البصري إلى أنه منافق، والمعتزلة إلى أنه لا مؤمن ولا كافر.
حجة الخوارج وجوه: الأول قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، فإن كلمة (من) عامة في كل من لم يحكم بما أنزل، فيدخل فيه الفاسق المصدق. وأيضا فقد علل كفرهم بعدم الحكم، فكل من لم يحكم بما أنزل الله كان