ميزة لهم بتولي هذه الأمور على غيرهم في الفضل وهي موقوفة على إذنه تعالى، لأن الآخرة لما كانت أفضل الدارين بكونها دار الجزاء وغاية المستحقين، وجعل الله سبحانه إلى هؤلاء المصطفين أفضل منازله وأسنى درجاته من اللواء والحوض والشفاعة وقسمة النار، دل على تخصصهم من الفضل بما لا مشارك لهم فيه.
محاولات المستشرقين التشكيك في الشفاعة وقد حاول بعضهم الإشكال على قانون الشفاعة في الإسلام فتصوره أو صوره بأنه من نوع الوساطات الدنيوية المخالفة للعدالة، التي يفعلها الناس عند الحكام الظلمة لمن يحبونه من المجرمين.. وقد مدح جولد تسيهر في كتابه مذاهب التفسير الإسلامي ص 192 المعتزلة وزعم أنهم لم يقبلوا الشفاعة لأنها تنافي العدالة، قال:
والمعتزلة.. لا يريدون التسليم بقبول الشفاعة على وجه أساسي حتى لمحمد ذلك بأنه يتعارض مع اقتناعهم بالعدل الإلهي المطلق. انتهى.
ولكن لا يمكن لعاقل أن يدعي بأن زيادة الرحمة الإلهية والمغفرة للمذنبين بأسباب متعددة، أمر يتنافى مع العدالة الإلهية!!
ثم إن الذي نفاه المعتزلة هو شمول الشفاعة لأهل الكبائر، ولم ينفوا الشفاعة لمرتكبي المعاصي الصغائر، كما سيأتي في محله.
على أن تسيهر اليهودي نفسه يعتقد بالشفاعة التي يزعمها اليهود لكل بني إسرائيل دون سواهم من البشر، ولا يراها منافية للعدالة الإلهية، فلا معنى لمدحه المعتزلة بأنهم يرفضون الشفاعة لأنهم طلاب مساواة!
تهافت منطق الوهابيين في الشفاعة والاستشفاع والأعجب من المستشرقين الوهابيون.. حيث يتوسعون في الشفاعة فيجعلونها تشمل اليهود والنصارى وجميع الخلق، على حد تعبير ابن تيمية، قال في مجموعة رسائله ج 1 ص 10: أجمع المسلمون على أن النبي (ص) يشفع للخلق يوم القيامة