رحمه الله كان مؤمنا تقيا، لأنهما جاهلان بحاله أو متعمدان، فإن شهادتهما لا تغير شيئا من قوانين المجازاة الإلهية!
لكن توجد (أحاديث) في مصادر السنيين تقول: إن مجرد شهادة اثنين بالخير لصاحب الجنازة تجعله من أهل الجنة! كما أن شهادتهما له بالسوء تجعله من أهل النار!!
فكأن الشهادة على الجنازة في منطق هذه الأحاديث وثيقة شرعية نهائية لا يقرأ الملائكة غيرها، أو ختم نهائي لا يقبل الله تعالى غيره!!
لقد جاءنا هذا المنطق من الثقافة اليهودية، ولكنه مهما كان مصدره، ليس منطقا إسلاميا! لأن معناه السماح للمجرمين بأن يفعلوا ما شاؤوا ويهلكوا الحرث والنسل، ثم يوصي أحدهم بأن يشهد على جنازته عشرة شهود كذبا وزورا فيدخل الجنة!
والأخطر من ذلك أن الإنسان المؤمن الطيب الأمين المستقيم مهما عمل من خير في حياته فإن عمله يتبخر بمجرد أن يرسل خصومه اثنين يشهدان على جنازته بأنه كان سيئا، فيدخلانه النار!
ولو كانت هذه المقولة توجد في مصادرهم من الدرجة الثانية لكان الأمر أسهل، ولكنها توجد في مصادر الدرجة الأولى مع الأسف، وعن لسان أقدس الشخصيات عندهم بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الأمر الذي يتطلب من فقهائهم جرأة في معالجتها:
- روى البخاري في صحيحه ج 2 ص 100:
عن أنس بن مالك قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت، فقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض.
ورواه في ج 3 ص 148 وفيه (قال شهادة القوم المؤمنين شهداء الله في الأرض).
ورواه مسلم في صحيحه ج 3 ص 53 وقد كرر فيه كلمة: وجبت وأنتم شهداء الله