أضف إلى ذلك: أنه لو صح التفسير بما ذكره فإنه يجب أن يوسع الممسوح ويحدد بالعظمين الناتئين لا أن يبدل المسح بالغسل، وكأنه تخيل أن المسح بالنداوة المتبقية في اليد لا يتحقق بها، وأنه تجف اليد قبل الوصول إليهما.
ولعمري أن هذه اجتهادات واهية، وتخرصات لا قيمة لها في مقابل الذكر الحكيم.
7 - آخر ما عند صاحب المنار في توجيه غسل الأرجل هو التمسك بالمصالح، حيث قال: لا يعقل لإيجاب مسح ظاهر القدم باليد المبللة بالماء حكمة، بل هو خلاف حكمة الوضوء، لأن طروء الرطوبة القليلة على العضو الذي عليه غبار أو وسخ يزيده وساخة، وينال اليد الماسحة حظ من هذه الوساخة.
يلاحظ عليه: أن ما ذكره استحسان لا يعرج عليه مع وجود النص، فلا شك أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الواقعية ولا يجب علينا أن نقف عليها، فأي مصلحة في المسح على الرأس ولو بمقدار إصبع أو إصبعين حتى قال الشافعي:
إذا مسح الرأس بإصبع واحدة أو بعض إصبع أو باطن كفه، أو أمر من يمسح له أجزأه ذلك؟!
وهناك كلمة قيمة للإمام شرف الدين الموسوي نأتي بنصها، قال - رحمه الله: نحن نؤمن بأن الشارع المقدس لاحظ عباده في كل ما كلفهم به من أحكامه الشرعية، فلم يأمرهم إلا بما فيه مصلحتهم، ولم ينههم إلا عما فيه مفسدة لهم، لكنه مع ذلك لم يجعل شيئا من مدارك تلك الأحكام منوطا من حيث المصالح والمفاسد بآراء العباد، بل تعبدهم بأدلة قوية عينها لهم، فلم يجعل لهم مندوحة