والقوم أجابوا عنه بوجهين: الأول: أن الكعب عبارة عن العظم الذي تحت مفصل القدم، وعلى هذا التقدير فيجب المسح إلى ظهر القدمين.
والثاني: أنهم سلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق، إلا أنهم التزموا أنه يجب أن يمسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين، وحينئذ لا يبقى هذا السؤال (1).
3 - إن الزمخشري لما سلم بأن قراءة الجر تجره إلى القول بوجوب المسح أراد التخلص منه بقوله:
فإن قلت: فما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟
قلت: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها، فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهية عنه، فعطفت على الثالث " الرؤوس " الممسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها (2).
يلاحظ عليه: أن الوجوه والأيدي مظنة للإسراف المذموم مثل الأرجل، فلماذا نبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء في خصوص الأرجل دون غيرهما مع كون الجميع مظنة للإسراف في صب الماء.
ولا يخفى أنه تفلسف في تفسير الآية بشئ تافه لا يرضى به الذوق العربي.
فإنه لو صح ما ذكره من الفلسفة فإنما يصح فيما إذا أمن من الالتباس لا في مثل المقام الذي لا يؤمن منه، ويحمل ظاهر اللفظ على وجوب المسح من دون التفات لما ذكره من النكتة البديعة!.