5 - حمل الآية على المتعة يوجب انقطاعها عن قبلها:
إن حمل الآية على المتعة يستلزم كونها كلاما جديدا منقطعا عما قبلها وعما بعدها لأنه - من وجهة نظرهم - يتناول موضوعا جديدا وهو " عقد المتعة " خلافا لما قبله، وهو النكاح الصحيح الدائم، وهذا غير صحيح لغة، لأن المعلوم أن " الفاء " في قوله تعالى: * (فما استمتعتم) * تربط ما بعدها بما قبلها، وإلا تفكك النظم القرآني، فالعطف بالفاء مانع من قطع المعنى بعدها، عما قبلها، فيتعين أن يكون قوله تعالى: * (فما استمتعتم به منهن) * منصرفا إلى الاستمتاع بالنكاح الدائم الصحيح، لا بالمتعة، لأن العطف يمنع هذا الانقطاع.
يدلك على هذا، آخر الآية الكريمة من قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم) * ويتبع ذلك قوله تعالى معللا السبب: * (ذلك لمن خشي العنت منكم وإن تصبروا خير لكم) *.
ولا جرم، أن هذا السياق من أول الآية إلى آخرها خاص بالنكاح المشروع الدائم، فكان هذا مانعا من أن يقحم نكاح المتعة في وسطها، ومانعا أيضا من الدلالة على ذلك، لوحدة السياق الذي ينتظم وحدة الموضوع التي تتناولها الآيات بأحكامها، إذ لو كانت " المتعة " جائزة لما نصت الآية صراحة على التزوج من الإماء، ولما اضطر الناس إلى ذلك، ولما جعل الشارع خشية العنت، ثم جعل الصبر على ترك نكاح الأمة خيرا من نكاحهن، ولكان في نكاح المتعة مندوحة عن ذلك كله، لو كان جائزا!! (1).