يقال بأن المصيب واحد، وهو أيضا محال، فإنه ليس تصويب أحد الظنين مع استوائهما دون الآخر، أولى من العكس). انتهى.
وقال الجصاص في الفصول: 4 / 325: (فمما استدلوا به من جهة الظاهر على بطلان قول القائلين بتصويب المجتهدين في أحكام حوادث الفقه: أن الله تعالى قد عاب الاختلاف والتفرق، وذم المختلفين في الدين وعنفهم بقوله تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا. وقال تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. وقال عز وجل: أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه. وقال تعالى: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وقال تعالى: وإن الظن لا يغني من الحق شيئا. وقال تعالى: إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس. وقال تعالى: ولو اتبع الظن أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن.
فتضمنت هذه الآيات النهي عن الاختلاف والتفرق نهيا عاما في الأصول والفروع، فدل أن ما أدى إلى ذلك فليس هو حكما لله تعالى، لأنه انتفى من الاختلاف، ونفاه عن أحكامه، وأن يكون من عنده بقوله تعالى: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وقول القائلين بتصويب المجتهدين يوجب جواز الاختلاف، ويحكم مع ذلك القول ببطلان الظن والحكم بالهوى. وليس الحكم بالظن واتباع الهوى إلا أن يحكم الحاكم بما يغلب في ظنه ويستولي على رأيه، من غير اتباع دليل يوجب له القول به.
الجواب: يقال لهم: أخبرونا عن الاختلاف الذي ذمه الله تعالى وعاب أهله في هذه الآيات ونهى عنه، هو الاختلاف في أحكام حوادث الفتيا؟
فإن قالوا نعم، قيل لهم: فينبغي أن يكون للصحابة والأئمة الهادية من الصدر الأول الحظ الأوفر من هذا الذم، ومن مواقعة هذا النهي، لكثرته فيما بينهم من