أحكام الدين، ولهذا كان قوله موجبا علم اليقين، واتباعه فرض على الأمة، قال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.... وسنقرر هذا الكلام في موضعه إن شاء الله تعالى. فإذا ثبت هذا فيما ثبت بتنصيص رسول الله (ص) فكذلك فيما يثبت بإجماع الصحابة، فإنه لا يبقى فيه توهم الخطأ بعد إجماعهم حتى يكفر جاحده). انتهى.
أقول: كلام السرخسي عجيب وما أشبهه! خاصة حكمه بكفر من خالف ما يحسبه إجماعا للصحابة، وقد رأيت اضطراب ميزانهم في الإجماع حتى ادعوا إجماع الصحابة على العمل بالظن، بينما ادعى الرازي إجماعهم على تحريمه!
أما جوابه الأخير على جعله كلام الصحابة معصوما فوق كلام النبي صلى الله عليه وآله، فظاهر الركة! حيث ادعى أن النبي صلى الله عليه وآله يخطئ فينبهه ربه، وجعل إجماع الصحابة مثله اشتهاء بلا دليل!
الفخر الرازي يفلسف ظنونهم فيجعلها علما!
قال في المحصول: 1 / 78: (وأما الفقه فهو في أصل اللغة عبارة عن فهم غرض المتكلم من كلامه، وفي اصطلاح العلماء عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية العملية والمستدل على أعيانها بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة.
فإن قلت: الفقه من باب الظنون، فكيف جعلته علما؟! قلت: المجتهد إذا غلب على ظنه مشاركة صورة لصورة في مناط الحكم، قطع بوجوب العمل بما أدى إليه ظنه، فالحكم معلوم قطعا، والظن واقع في طريقه). انتهى.
أقول: يقصد بمناط الحكم علته، يعني أن المجتهد عندما يغلب على ظنه اشتراك أمرين في علة الحكم، يقطع بوجوب العمل بظنه، وهذا القطع علم بالحكم الشرعي، وإن نشأ من الظن!