ولم أر من علمائهم من وافقنا في تنزيه النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك إلا الفخر الرازي، قال في المحصول: 6 / 15: (مسألة: إذا جوزنا له (ص) الإجتهاد فالحق عندنا أنه لا يجوز أن يخطئ، وقال قوم: يجوز بشرط أن لا يقر عليه.
لنا: أنا مأمورون باتباعه في الحكم لقوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، فلو جاز عليه الخطأ لكنا مأمورين بالخطأ، وذلك ينافي كونه خطأ.
واحتج المخالف بقوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم، فهذا يدل على أنه أخطأ فيما أذن لهم، وقال تعالى: في أسارى بدر: لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم، فقال عليه الصلاة والسلام: لو نزل عذاب من الله لما نجا إلا ابن الخطاب، وهذا يدل على أنه أخطأ في أخذ الفداء، ولأنه تعالى قال: قل إنما أنا بشر مثلكم، فلما جاز الخطأ على من غيره جاز أيضا عليه، ولأن النبي (ص) قال: إنكم تختصمون لدي ولعل بعضكم ألحن بحجته من غيره، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذنه، إنما أقطع له قطعة من النار، فلو لم يجز أن يقضي لأحد إلا بحقه لم يقل هذا. ولأنه يجوز أن يغلط في أفعاله فيجوز أن يغلط في أقواله كغيره من المجتهدين!
والجواب: عن هذه الوجوه مذكور في الكتاب الذي صنفناه في عصمة الأنبياء عليه السلام، فلا فائدة في الإعادة). انتهى.
ولنعم ما قال أبو الفتح الكراجكي في التعجب من أغلاط العامة ص 61: (ومن عجيب كذبهم ومفرط غلوهم دعواهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لو نزل العذاب ما نجى إلا عمر بن الخطاب! وهذا تصريح بالكفر والردة والخروج عن الملة، لأنهم أوجبوا أنه لولا عمر بن الخطاب لهلك جميع الناس، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وآله