عرض عليهم أن يضمن لهم ثباتهم على الهدى إلى يوم القيامة، وأن يكونوا سادة العالم إلى يوم القيامة! بشرط أن يقبلوا حكم الله ورسوله، ويلتزموا بتنفيذ كتاب يكتبه لهم ويسمي فيه الأئمة الذين ارتضاهم الله لأمته من بعده!
فتصدى عمر بالنيابة عن قريش وأعلن رفضهم لعرض نبيهم! فأطاعوه وصاحوا في وجه نبيهم: القول ما قاله عمر، أي لا نريد أن تكتب لنا كتابا، ولا نريد أمانك من الضلال، فقد غلب عليك الوجع، فلا اعبار بكلامك وكتابتك!
ومعنى ذلك أنهم اختاروا الضلال عن عمد وإصرار! وواجهوا نبيهم صلى الله عليه وآله! وصادروا منه قيادة الأمة في حياته وأعطوها إلى عمر زعيم قريش الجديد! واضطروا النبي صلى الله عليه وآله إلى السكوت، لأنهم خيروه بين السكوت وبين إعلان الردة وأن محمدا أخذ يهجر، وأراد فرض عشيرته بني هاشم على قريش والعرب! وأن غرضه تأسيس ملك دنيوي لهم كملك كسرى وقيصر، فاليوم ابن عمه علي ابن الثلاث وثلاثين سنة، ثم من بعده أولاد ابنته فاطمة الذين هم الآن دون العاشرة، فإن دخلت الخلافة فيهم فلن تخرج منهم، ولن يصل إلى قبائل قريش شئ! وهذا ظلم لقبائل قريش ما بعده ظلم!!
لقد قررت قريش ممثلة بمن بقي من زعمائها المنهزمين في فتح مكة، وبحضورها المكثف في المدينة بعد فتح مكة، أن تقدم عمر الجرئ لمصارحة النبي صلى الله عليه وآله ومواجهته بأن بني هاشم تكفيهم النبوة، أما الخلافة فيجب أن تكون لبقية قبائل قريش، ويكون بنو هاشم فيها كغيرهم، لا أكثر! وصدق الله الخبير العليم بأن الأمة سوف تختار الضلال وترفض حكم الله ورسوله في خلافة نبيها!
وتصدت قريش لقيادة الأمة بقانون الغلبة، وفتحت صراعا دمويا على السلطة، لم تعرف أمة بعد نبيها أسوأ منه، ولا خلافة لنبي أكثر منه سفكا للدماء! حتى