أن كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبي (ص) فإذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وإذا هما يبكيان! فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما!
قال فقال النبي (ص): الذي عرض علي أصحابك من الفداء! لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة، وأنزل الله عز وجل (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض، إلى قوله: لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء، ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي (ص) عن النبي (ص) وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله تعالى: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها، الآية.. بأخذكم الفداء)!! (ورواه مسلم: 3 / 158 و 170 ومجمع الزوائد: 6 / 113 و 115 و 118 ورواه أحمد: 1 / 32 ونحوه في سنن أبي داود: 1 / 608).
ويرد على هذه الرواية إشكالات عديدة:
منها، أنها طبقت قوله تعالى: لمسكم فيما أخذتم، على أخذ النبي صلى الله عليه وآله والمسلمين أسرى بدر أو فداءهم! وهذا غلط، لأن لو حرف امتناع لامتناع فقوله تعالى: لولا كتاب من الله، معناه أن الأخذ لم يتحقق، وأنه أخذ تقديري، فلا بد أن يكون أخذهم لمرافقي القافلة، الذي أرادوه ونجاهم الله تعالى منه برحمته وكتابه الذي سبق.
ومنها، أن عمر ادعى أن رأيه كان قتل الأسرى وأن الوحي وافقه! لكن النبي صلى الله عليه وآله عصى ربه ولم يقتلهم، وساقهم إلى المدينة ثم أخذ منهم الفداء! وهذا مناقض للرواية الحسنة المتقدمة في أن عمر عارض أصل أخذ الأسرى!