وهذا الحديث الصحيح عنده باطل لأمور:
أولا: لأن التوبيخ في الآية ليس للنبي صلى الله عليه وآله بل للذين أرادوا غنيمة القافلة وأسر مرافقيها وخافوا من القتال، ومنهم أبو بكر وعمر!
ففي صحيح مسلم: 5 / 170: (عن أنس أن رسول الله (ص) شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، قال فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لاخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا). (ورواه أحمد: 3 / 219 و 320 و 357 والشوكاني في نيل الأوطار: 8 / 45).
فقولهم إن النبي صلى الله عليه وآله أعرض عنهما، وحذفهم لكلامهما، يدل على أنهما خافا وخوفا النبي صلى الله عليه وآله من حرب قريش! ويتأكد ذلك بقرينة أنهم رووا سرور النبي صلى الله عليه وآله وإشراق وجهه بموقف المقداد بعد موقف أبي بكر وعمر!
ففي البخاري: 5 / 4 أن المقداد قال: (لا نقول كما قال قوم موسى: إذهب أنت وربك فقاتلا، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك. فرأيت النبي (ص) أشرق وجهه وسره ذلك). وفي الطبراني الكبير: 10 / 213: (فرأيت وجه رسول الله (ص) انبسطت أساريره). انتهى.
ولم يكتفوا بحذف كلام أبي بكر وعمر، حتى كذبوا لهما وقالوا إنهما قالا فأحسنا! قال ابن حجر في فتح الباري: 7 / 223: (لما وصل النبي (ص) الصفراء وبلغه أن قريشا قصدت بدرا، وأن أبا سفيان نجا بمن معه، فاستشار الناس فقام أبو بكر فقال فأحسن، ثم قام عمر كذلك، ثم المقداد...)! (ونحوه في النهاية: 3 / 320، وأسد الغابة: 4 / 59 و 409).
على أن بعض الروايات صرحت بشئ من كلامهما! ففي الدر المنثور: 3 / 165: (فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله إنها قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت