أولهما: إذا كان الأمر كما تقولون، فلماذا خطأ عمر نفسه وقال: (لقد أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط، أراد رسول الله أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت: والله ما أمرك الله بهذا، لقد قال الله: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم، فقال رسول الله: قد خيرني ربي فقال: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم...). (الدر المنثور: 3 / 264، وقال أخرجه ابن أبي حاتم عن الشعبي. وكنز العمال: 2 / 419)؟!
وثانيهما: هل يقبلون أن النبي صلى الله عليه وآله بلغ به الجهل أنه فهم التخيير من قوله تعالى: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم..؟!
إن هذا هو المفتاح لمعرفة واقع القصة التي ادعاها عمر فصدقه محبوه!
استنكار علماء سنيون كبار ما نسبه عمر إلى النبي صلى الله عليه وآله!
هل يجوز قبول شهادة عمر بأن النبي صلى الله عليه وآله قد فهم من قوله تعالى: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم... التخيير ولم يفهم منها النهي عن الصلاة عليهم، مع وضوح أنها نهي، ومعناها أنك مهما استغفرت لهم فلن ينفع ذلك، فلا تتعب نفسك؟!
لقد وقع علماء السنة في محنة بين أن ينسبوا السذاجة إلى النبي صلى الله عليه وآله، أو يكذبوا البخاري وعمر! وقد اختار عدد من كبارهم تكذيب رواية البخاري، ولم يتعدوها إلى تكذيب عمر! قال في فتح الباري: 8 / 255: (واستشكل فهم التخيير من الآية حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحة هذا الحديث، مع كثرة طرقه واتفاق الشيخين وسائر الذين خرجوا الصحيح على تصحيحه! وذلك ينادي على منكري صحته بعدم معرفة الحديث وقلة الاطلاع على طرقه!
قال ابن المنير: مفهوم الآية زلت فيه الأقدام حتى أنكر القاضي أبو بكر صحة