ثم زاد ابن حجر على هذا التوجيه (العلمي) لرأي عمر أن النبي صلى الله عليه وآله اعتذر إلى عمر بأنه يفهم النهي من الآية كما فهمه عمر، بل فهم منها التخيير! فنزل النهي الصريح موافقا لقول عمر فاقتنع النبي صلى الله عليه وآله!
وينبغي أن يضيف ابن حجر بأن النبي صلى الله عليه وآله لا بد أن يكون اعتذر ثانية من عمر وشكره كثيرا لتسديده إياه!!
قال في فتح الباري: 8 / 254: (قوله فتبسم رسول الله (ص) وقال أخر عني، أي كلامك (!). واستشكل الداودي تبسمه (ص) في تلك الحالة مع ما ثبت أن ضحكه (ص) كان تبسما، ولم يكن عند شهود الجنائز يستعمل ذلك.
وجوابه: أنه عبر عن طلاقة وجهه بذلك تأنيسا لعمر وتطييبا لقلبه، كالمعتذر عن ترك قبول كلامه ومشورته)! انتهى.
وقد ارتضى ابن حجر قول الداودي بأن الضحك مكروه عند الجنازة لكن النبي صلى الله عليه وآله ارتكب هذا المكروه، فضحك لعمر وتبسم له تطييبا لقلبه (كالمعتذر عن ترك قبول كلامه ومشورته)!
أما سوء أدب عمر فلا شئ فيه، فكأن النبي صلى الله عليه وآله كان يستحقه! بل هو فضيلة ومنقبة لعمر، بدليل رضا النبي صلى الله عليه وآله وأنسه وسروره به!!
أما الفخر الرازي فقد فاق ابن حجر فقال تفسيره: 16 / 151: (فلما مات جاء ابنه يعرفه فقال عليه الصلاة والسلام لابنه: صل عليه وادفنه، فقال: إن لم تصل عليه يا رسول الله لم يصل عليه مسلم، فقام عليه الصلاة والسلام ليصلي عليه فقام عمر فحال بين رسول الله وبين القبلة لئلا يصلي عليه فنزلت هذه الآية، وأخذ جبريل بثوبه وقال: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا!
واعلم أن هذا يدل على منقبة عظيمة من مناقب عمر رضي الله عنه، وذلك لأن