قائل: فما كان مراد الله بالتخيير... أتقولون إنه أراد تعالى ما قال عمر بن الخطاب من أن لا يصلي عليهم ولا يستغفر لهم، ثم نزلت الآية الأخرى مبينة؟
فالجواب: أننا وبالله تعالى التوفيق لا نقول ذلك، ولا يسوغ لمسلم أن يقوله، ولا نقول إن عمر، ولا أحدا من ولد آدم فهم عن الله تعالى شيئا لم يفهمه عنه نبي الله (ص)، وهذا القول عندنا كفر مجرد!
وبرهان ذلك: أن الله تعالى لو لم يرض صلاة النبي على عبد الله بن أبي لما أقره عليها ولأنزل الوحي عليه لمنعه، كما نهاه بعد صلاته عليه أن يصلي على غيره منهم، فصح أن قول عمر كان اجتهادا منه أراد به الخير فأخطأ فيه وأصاب رسول الله (ص)، وأجر عمر في ذلك أجرا واحدا). انتهى. (راجع: بدائع الصنائع: 3 / 77, والبحر الرائق: 1 / 267، والمغني: 2 / 420).
وقد زعم ابن حزم في المحلى: 11 / 210، أن سبب صلاة النبي صلى الله عليه وآله على ابن سلول انه لم يكن يعلم بشركه، وإن علم بنفاقه! قال: (فلو كان ابن أبي وغيره من المذكورين ممن تبين للنبي عليه السلام أنهم كفار بلا شك، لما استغفر لهم النبي ولا صلى عليهم، ولا يحل لمسلم أن يظن بالنبي (ص) أنه خالف ربه في ذلك، فصح يقينا أنه عليه السلام لم يعلم قط أن عبد الله بن أبي والمذكورين كفار في الباطن). انتهى.
ولم يحكم ابن حزم بكفر عمر لادعائه أنه فهم من قوله تعالى: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم... ما لم يفهمه النبي صلى الله عليه وآله؟! لكن قال: (ولا نقول إن عمر ولا أحدا من ولد آدم فهم عن الله تعالى شيئا لم يفهمه عنه نبي الله، وهذا القول عندنا كفر مجرد!)؟؟!