الأغلب من لسان العرب، من أن (أو) ليست للتخيير بل للتسوية في عدم الوصف المذكور، أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء، وهو كقوله تعالى: سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، لكن الثانية أصرح، ولهذا ورد أنها نزلت بعد هذه القصة كما سأذكره.
وفهم عمر أيضا من قوله: سبعين مرة، أنها للمبالغة وأن العدد المعين لا مفهوم له، بل المراد نفي المغفرة لهم ولو كثر الاستغفار، فيحصل من ذلك النهي عن الاستغفار، فأطلقه.
وفهم أيضا أن المقصود الأعظم من الصلاة على الميت طلب المغفرة للميت والشفاعة له، فلذلك استلزم عنده النهي عن الاستغفار ترك الصلاة، لذلك جاء عنه في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة.
ولهذه الأمور استنكر إرادة الصلاة على عبد الله بن أبي.
هذا تقرير ما صدر عن عمر، مع ما عرف من شدة صلابته في الدين وكثرة بغضه للكفار والمنافقين، وهو القائل في حق حاطب بن أبي بلتعة مع ما كان له من الفضل كشهوده بدرا وغير ذلك، لكونه كاتب قريشا قبل الفتح: دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد نافق، فلذلك أقدم على كلامه للنبي (ص) بما قال ولم يلتفت إلى احتمال إجراء الكلام على ظاهره، لما غلب عليه من الصلابة المذكورة. قال ابن المنير: وإنما قال ذلك عمر حرصا على النبي (ص) ومشورة إلزاما. وله عوائد بذلك! ولا يبعد أن يكون النبي (ص) كان أذن له في مثل ذلك، فلا يستلزم ما وقع من عمر أنه اجتهد مع وجود النص، كما تمسك به قوم في جواز ذلك. وإنما أشار بالذي ظهر له فقط، ولهذا احتمل منه النبي (ص) أخذه بثوبه ومخاطبته له في مثل ذلك المقام حتى التفت إليه متبسما، كما في حديث ابن عباس). انتهى.