وحقق بعضهم أن أقارب الزوج أحماء، وأقارب الزوجة أختان، والصهر يجمعهما. نقله شيخنا.
قلت: وهو قول الأصمعي قال: لا يقال غيره.
قال ابن سيده: وربما كنوا بالصهر عن القبر، لأنهم كانوا يئدون البنات، فيدفنونهن، فيقولون: زوجناهن من القبر، ثم استعمل هذا اللفظ في الإسلام، فقيل: نعم الصهر القبر، وقيل: إنما هذا على المثل، إي الذي يقوم مقام الصهر،، قال: وهو الصحيح.
وقال ابن الأعرابي: الصهر: زوج بنت الرجل، وزوج أخته، والختن: أبو امرأة الرجل وأخو امرأته، والأختان أصهار أيضا، وهو قول بعض العرب، وقد تقدم.
والفعل (1) المصاهرة، وقد صاهرهم وصاهر فيهم، وأنشد ثعلب:
حرائر صاهرن الملوك ولم يزل * على الناس من أبنائهن أمير وأصهر بهم، وأصهر إليهم: صار فيهم صهرا، وفي التهذيب: أصهر بهم الختن، وأصهر: مت بالصهر، وقال أبو عبيد: يقال: فلان مصهر، بنا، وهو من القرابة.
وقال الفراء في قوله تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) (2)، فأما النسب فهو النسب الذي يحل نكاحه، كبنات العم والخال وأشباههن من القرابة التي يحل تزويجها.
وقال الزجاج: الأصهار من النسب لا يجوز لهم التزويج، والنسب الذي ليس بصهر من قوله: (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله: (وأن تجمعوا بين الأختين) (3).
قال أبو منصور: وقد روينا عن ابن عباس في تفسير النسب والصهر خلاف ما قال الفراء جملة، وخلاف بعض ما قال الزجاج، قال ابن عباس: حرم الله من النسب سبعا، ومن الصهر سبعا (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت)، من النسب، و [من] (4) الصهر: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم). (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) (5) وأن تجمعوا بين الأختين). قال أبو منصور: ونحو ما روينا عن ابن عباس. قال الشافعي: حرم الله تعالى سبعا نسبا، وسبعا سببا، فجعل السبب القرابة الحادثة بسبب المصاهرة والضاع، وهذا هو الصحيح [الذي] لا ارتياب فيه.
قلت: وقال بعض أئمة الغريب: الفرق بين الصهر والنسب أن النسب: ما يرجع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء، والصهر: ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج.
ومن المجاز: صهرته الشمس، كمنع، تصهره صهرا، صهدته، وصحرته، وذلك إذا اشتد وقعها عليه وحرها حتى ألم دماغه، وانصهر هو قال ابن أحمر يصف فرخ قطاة:
تروي لقى ألقي في صفصف * تصهره الشمس فما ينصهر أي تذيبه الشمس فيصبر على ذلك.
وصهر فلان رأسه صهرا: دهنه بالصهارة، بالضم، وهو ما أذيب من الشحم، كما سيأتي.
وصهر الشيء، كالشحم ونحوه، يصهره صهرا: أذابه، فانصهر، فهو صهير، وفي التنزيل (يصهر به ما في بطونهم والجلود) (7) أي يذاب، وفي الحديث " أن الأسود بن يزيد كان يصهر رجليه بالشحم وهو محرم " أي كان يذيبه ويدهنهما (8) به.