قال أبو حنيفة: جعل اللبن بمنزلة الخمر، فسماه مصطارا، يقول: إذا أجدب الناس سقيناهم اللبن الصريف، وهو أحلى اللبن وأطيبه، كما يسقى المصطار، قال أبو حنيفة: إنما أنكر قول من قال إن المصطار الحامض، لأن الحامض غير مختار ولا ممدوح، وقد اختير المصطار، كما ترى، من قول عدي بن الرقاع وغيره. وقال الأزهري: المصطار: الحديثة المتغيرة الطعم، وأحسب الميم فيها أصلية، لأنها كلمة رومية ليست بعربية محضة، وإنما يتكلم بها أهل الشام، ووجد أيضا في أشعار من نشأ بتيك الناحية.
[مضر]: مضر اللبن أو النبيذ يمضر مضرا، ويحرك، ومضورا، بالضم، كنصر وفرح وكرم: حمض وابيض وصار اللبن ماضرا، وهو الذي يحذي اللسان قبل أن يروب، فهو مضير ومضر، وهذه عن ابن الأعرابي. قال ابن سيده: وأراه على النسب، لأن فعله إنما هو مضر، بفتح الضاد لا كسرها، قال: وقلما يجيء اسم الفاعل من هذا على فعل. ولبن ماضر: حامض. والمضيرة: مريقة تطبخ باللبن وأشياء، وقيل: هي طبيخ يتخذ من اللبن المضير (1)، وربما خلط بالحليب، وقال أبو منصور: والمضيرة عند العرب: أن تطبخ اللحم باللبن البحت الصريح الذي قد حذى اللسان حتى ينضج اللحم وتخثر المضيرة، وربما خلطوا الحليب بالحقين، وهو حينئذ أطيب ما يكون.
ومضارة اللبن، (2) بالضم، وفي التكملة: مضار اللبن: ما سال منه إذا حمض وصفا.
ومضر بن نزار بن معد بن عدنان، كزفر: أبو قبيلة مشهورة، وهو مضر الحمراء وقد تقدم في ح م ر. قال ابن سيده: سمي به لولعه بشرب اللبن الماضر. أو لبياض لونه، من مضيرة الطبيخ. وذكر الوجهين القتيبي، وزاد: والعرب تسمي الأبيض أحمر، فلذلك قيل: مضر الحمراء، وقيل غير ذلك. وقد تقدم البحث عن ذلك في محله.
وتمضر فلان: تغضب، هكذا في النسخ بالغين والضاد المعجمتين، وصوابه، تعصب (3) لهم، بالمهملتين ومضرته تمضيرا فتمضر، أي نسبته إليهم فتنسب، وفي اللسان أي صيرته كذلك بأن نسبته إليها. وقال الزمخشري: أي صيرته منهم بالنسب، مثل قيسته فتقيس.
وتماضر بالضم: امرأة، مشتق من هذه الأشياء قال ابن دريد: أحسبه من اللبن الماضر، قلت: وهي تماضر بنت عمرو بن الشريد، والخنساء لقبها، وفيها يقول دريد بن الصمة الجشمي:
حيوا تماضر واربعوا صحبي * وقفوا فإن وقوفكم حسبي و يقال، ذهب دمه خضرا مضرا، بالكسر وككتف، أي هدرا. وقال الزمخشري: أي هنيئا مريئا للقاتل. ومضرا إتباع، وحكى الكسائي بضرا بالباء ويقال خذه خضرا مضرا، وككتف فيهما، أي غضا طريا، ذكر اللغة الثانية الصاغاني.
ومضرة، بكسر الضاد، أي مع فتح الميم: د، بجبال قيس، هكذا بالقاف في سائر النسخ والصواب بجبال تيس، بالتاء الفوقية، كذا هو مصحح بخط الصاغاني مجودا (4)، وكشط القاف وجعل عليه تاء ممدودة، وكتب عليه: صح.
وفي حديث حذيفة، وذكر خروج عائشة فقال: تقاتل معها مضر مضرها الله في النار، أي جعلها في النار، فاشتق لذلك لفظا من اسمها. وقال الزمخشري: مضرها. جمعها، كما يقال جند الجنود (5). وقيل: مضرها تمضيرا: أهلكها، من قولهم: ذهب دمه خضرا مضرا، أي هدرا، قال الجوهري نرى أصله من مضور (7) اللبن وهو قرصه اللسان وحذيه له، وإنما شدد للكثرة والمبالغة.
* ومما يستدرك عليه:
التمضر: التشبه بالمضرية. والعرب تقول: مضر الله لك الثناء، أي طيبه لك. قاله أبو سعيد. وهو مجاز.