(هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) (1).
وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم على صورته ". أراد بها ما خص الإنسان به من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة، وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى الله تعالى على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبه (2)، تعالى الله عن ذلك، وذلك على سبيل التشريف، كما قيل: حرم الله، وناقة الله، ونحو ذلك، انتهى.
ويقال: إني لأجد في رأسي صورة. الصورة بالفتح: شبه الحكة يجدها الإنسان في الرأس من انتعاش (3) القمل الصغار حتى يشتهي أن يفلى. وقالت امرأة من العرب لابنة لهم (4): هي تشفيني من الصورة، وتسترني من الغورة. بالغين، هي الشمس.
وقال الزمخشري: أراد الأعرابي تزوج (5) امرأة فقال له آخر: إذن لا تشفيك من الصورة، ولا تسترك من الغورة. أي لا تفليك ولا تظلك عند الغائرة.
وصار الرجل: صوت.
ويقال: عصفور صوار، ككتان: يجيب الداعي إذا دعا.
وصار الشيء يصوره، صورا: أماله. أو صاره يصوره، إذا هده، كأصاره فانصار، أي أماله فمال.
وقال الصاغاني: انصارت الجبال: انهدت فسقطت، قلت: وبه فسر قول الخنساء:
* لظلت الشهب منها وهي تنصار * أي تنصدع وتنفلق (6)، وخص بعضهم به إمالة العنق.
وصور، كفرح: مال، وهو أصور، والجمع صور، بالضم، قال:
الله يعلم أنا في تقلبنا * يوم الفراق إلى أحبابنا صور وفي حديث، عكرمة: " حملة العرش كلهم صور " أي مائلون أعناقهم لثقل الحمل.
وقال الليث: الصور: الميل، والرجل يصور عنقه إلى الشيء، إذا مال نحوه بغنقه، والنعت أصور، وقد صور. وصاره يصوره، ويصيره، أي أماله. وقال غيره: رجل أصور بين الصور، أي مائل مشتاق.
وقال الأحمر: صرت إلى الشيء، وأصرته، إذا أملته إليك، وأنشد:
* أصار سديسها مسد مريج * وفي صفة مشيته صلى الله تعالى عليه وسلم " كان فيه شيء من صور ". يشبه أن تكون هذه الحال إذا جد به السير لا خلقة، وفي حديث عمر وذكر العلماء فقال: " تنعطف عليهم بالعلم قلوب لا تصورها الأرحام أي لا تميلها، أخرجه الهروي عن عمر وجعله الزمخشري من كلام الحسن.
وفي حديث مجاهد: " كره أن يصور شجرة مثمرة " يحتمل أن يكون أراد يميلها، فإن إمالتها ربما تؤديها إلى الجفوف، أو أراد به قطعها.
وصار وجهه، يصوره، ويصيره: أقبل به، وقال الأخفش: صر [إلي] (7)، أي أقبل على. وفي التنزيل العزيز: (فصرهن إليك) (8) أي وجههن، وهي قراءة علي وابن عباس، وأكثر الناس، وذكره ابن سيده في الياء أيضا، لأن صرت وصرت لغتان.
وصار الشيء يصوره صورا: قطعه وفصله صورة صورة، ومنه: صار الحاكم الحكم، إذا قطعه وحكم به، وأنشد الجوهري للعجاج:
* صرنا به الحكم وأعيا الحكما * قلت وبه فسر بعض هذه الآية، قال الجوهري: فمن قال