حتى يتحلى بالعلم، فتتلمذ في الأصول لواصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة ورئيسهم، فاقتبس منه الاعتزال وصارت أصحابه كلهم معتزلة. وقال: كان علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) أفضل الصحابة، إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها، من تسكين ثائرة الفتنة وتطييب قلوب العامة، وكان من مذهبه جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل.
ولما سمعت شيعة الكوفة هذه المقالة وعرفوا أنه لا يتبرأ من الشيخين رفضوه.
وبعد قتل زيد بن علي وبعده يحيى بن زيد وبعده محمد وإبراهيم، لم ينتظم أمر الزيدية بعد ذلك حتى ظهر بخراسان صاحبهم، ناصر الأطروش (1)، فطلب ليقتل فاختفى واعتزل الأمر، وصار إلى بلاد الديلم والجبل، ولم يتحلوا بدين الإسلام بعد، فدعا الناس دعوة إلى الإسلام على مذهب زيد بن علي فدانوا بذلك، وبقيت الزيدية في تلك البلاد ظاهرين، وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة ويلي أمرهم، وخالفوا بني أعمامهم من الموسوية في مسائل الأصول، ومالت أكثر الزيدية بعد ذلك عن القول بإمامة المفضول، وطعنت في الصحابة طعن الإمامية، وهم أصناف ثلاثة:
جارودية، وسليمانية، وبترية، والصالحية منهم والبترية على مذهب واحد.
وقال هاشم معروف الحسني (2): إن جماعة من الشيعة والفقهاء قالوا بإمامة زيد بن علي، وكانوا يرون رأيه في الثورة على الأمويين، أما إنه ادعى الإمامة وثار