واحتشدت في أذهانهم صور عن مواقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، تلك المواقف التي كان يصرح فيها باستخلاف علي (عليه السلام) من بعده تارة، ويلمح فيها أخرى، فالتفوا حول علي (عليه السلام) وأصبحوا من الدعاة الأوفياء له في جميع المراحل التي مر بها التشيع وما زال ينمو وينتشر بين المسلمين في الأقطار المختلفة.
وإن التشيع في الإسلام كان جزءا من الدعوة التي دعا إليها القرآن وبلغها الرسول إلى الأمة في جملة ما بلغه من تشريعات وأنظمة، وهو بمفهومه الشائع بين المسلمين في هذا العصر وقبله كانت بذرته الأولى في عصر الرسول وبعد وفاته.
وذهب أكثر الكتاب العرب والمستشرقين إلى أن التشيع حدث بعد مقتل عثمان، كالشيخ محمد أبي زهرة الذي استعرض الأحداث التي أطاحت بعرش عثمان، قال: " وفي ظل هذه الفتن نبت المذهب الشيعي ".
ورواية ابن النديم في الفهرست، عن محمد بن إسحاق، تدل على أن أول ما أطلق لفظ التشيع على من اتبع أمير المؤمنين (عليه السلام) في محاربة طلحة والزبير في الجمل، قال: قال محمد بن إسحاق: لما خالف طلحة والزبير على علي (رضي الله عنه) وأبيا إلا الطلب بدم عثمان بن عفان، وقصدهما علي (عليه السلام) ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله جل اسمه، تسمى من اتبعه على ذلك الشيعة، فكان يقول: شيعي، وسماهم (عليه السلام) الأصفياء، والأولياء، وشرطة الخميس، والأصحاب (1).
وكما ادعى آخرون أن التشيع حدث بعد واقعة صفين كما ادعى هذا القول المستشرق الفرنسي (غودفروا)، وذهبت فئة إلى أن التشيع حدث بعد انتشار الموالي الذين دخلوا الإسلام من الفرس وغيرهم.