أما الأول: فهو للثاني: وتقريره: أن القدر المشترك المذكور كسائر الكليات ما لم يتشخص يمتنع وجوده في الخارج، وتشخصه إنما هو بإحدى الخصوصيتين المذكورتين على سبيل منع الخلو، لانحصار فرده فيهما، فيمتنع إيجاده بدون شيء منهما.
وأما الثاني: فالمتصور منه وجهان:
أحدهما - ما ذكره صاحب المعالم - فيما حكي عنه من حاشيته على قوله:
(لأن الاستعمال في القدر المشترك إن وقع فعلى غاية الندرة والشذوذ) - من علة الندرة والشذوذ قال: (وذلك لبعد وقوعه نظرا إلى أن الطالب إذا لم يكن غافلا عن الترك، فإما أن يريد المنع منه، أو لا يريده، فلا يخلو الحال عن إرادة الوجوب أو الندب، فلا يتصور إرادة الطلب المجرد عن القيدين إلا عند الغفلة عن ملاحظة الترك، وهو في غاية الندرة، بل لا يمكن حصوله في أوامر الشرع، ففرض استعماله في القدر المشترك غير معقول، فتأمل) (). انتهى.
ولا يخفى أنه اعتراف بإمكان استعمال الأمر في القدر المشترك، وبإمكان إيجاده في الجملة، إلا أنه يلزمهما بالنسبة إلى الملتفت إلى الترك، وسيجئ الجواب عنه.
ثانيهما - أن الصيغة لم توضع لنفس القدر المشترك بعنوان الكلية، بل إنما هي آلة لملاحظة جزئياتها الحقيقية ومرآة لها، والموضوع له إنما هي بعنوان عام، ولا ريب أنه لا شيء من تلك الجزئيات إلا وهو متقوم بإحدى الخصوصيتين بحيث لم يوجد بدون شيء منهما، فاستعمال الصيغة في كل واحد منهما لا يمكن إلا مع إحدى الخصوصيتين، كما أن إيجاد شيء من تلك الجزئيات لا يمكن بدون