امتناع انفكاك القدر المشترك عن إحدى الخصوصيتين المذكورتين إنما هو بالنسبة إلى الأول، لكن لا مطلقا أيضا، بل بالنسبة إلى الملتفت إلى الترك، وإلا فيمكن الانفكاك حينئذ بالنسبة إلى الغافل عنه، وأما الثاني فيمكن فيه التفكيك مطلقا، بأن يراد بالصيغة إفادة القدر المشترك وحده، فإن امتناع انفكاك شيء عن شيء في الذهن لا يقضي بامتناع التعبير عن ذلك الشيء وإفادته باللفظ وحده، كما أن امتناع انفكاكه في الوجود الخارجي عن أمر لا يقضي بذلك بأن يعبر باللفظ عنه وحده.
ألا ترى أن الأجناس يمتنع تصورها في الذهن بدون شيء من الفصول، وكذا الموجودات الخارجية يمتنع وجودها في الخارج بدون شيء من الأعراض، مع أنه يمكن التعبير [عن ذلك] () ويصح إفادة كل من تينك بدون ما يلزمهما في الذهن أو الخارج، كما في قولك: (جئني بحيوان، أو جسم، أو رأيت رجلا) مريدا به إفادة الشخص الخارجي بعنوان كونه فردا من أفراد الرجل مع أن الشخص لا يخلو في الخارج عن كونه بأحد الألوان من السواد والبياض وغيرهما، وعن كونه متحيزا، وغير ذلك من العناوين الصادقة عليه، وكما في وضع أسماء الإشارة، حيث إنها موضوعة للذوات الخارجية بأحد عناوينها، وهو كونها ذكورا مشارا إليها، أو إناثا كذلك، وهكذا الحال في الضمائر والموصولات، إذ الأولى موضوعة لها بعنوان كونها ذكورا أو إناثا، وحاكية عنها من هذا الوجه، والثانية موضوعة لها بعنوان كونها متعينة بصلاتها.
وقد حكي عن المدقق الشيرواني () في وجه الأمر بالتأمل في الحاشية المحكية عن صاحب المعالم المتقدمة ما ذكرنا، قال: ووجهه أنه فرق بين بين إرادة