فالمستعمل فيه الصيغة إنما هو حصة شخصية من حصصه الجزئية، ولا ريب أن كل واحدة من خصوصيتي المنع من الترك أو الإذن فيه من الأحوال اللاحقة لكل واحدة من الحصص المذكورة إلا أنهما ليستا مما لا يمكن انفكاكه عن الحصص المذكورة بل يجوز إيجادها بدونهما، كما سيجيء بيانه، لا أنهما من أفرادها حتى يطلق عليهما الصيغة بطريق إطلاق الكلي على الفرد مع إفادة الخصوصية من الخارج.
وبالجملة: الموضوع له الصيغة إنما هو كل واحدة من الحصص الجزئية الموجودة في الخارج من غير اعتبار شيء من أحوال تلك الحصص في مفهوم الصيغة، بل الموضوع له إنما هي ذوات تلك الحصص مع قطع النظر عن ملاحظة شيء من أحوالها اللاحقة لها في الخارج في مقام الوضع، فحال الصيغة بالنسبة إلى تلك الأحوال نظير حال الأعلام الشخصية بالنسبة إلى أحوال الذوات الخارجية التي هي مسمياتها، فكما أنه لا دخل لشيء من الأحوال هناك في مفهوم اللفظ - وإن كانت الحالة من الأحوال اللازمة للمسمى ككونه متحيزا، فكيف بما لا يكون كذلك - فكذا الحال هنا، وكما أن زيدا - مثلا - لا يقال: إنه كلي بالنسبة إلى أحواله، فكذلك لا يصح أن يقال: إن كل واحدة من الحصص المذكورة كلي بالنسبة إلى حالاتها التي منها المنع من الترك، أو الإذن فيه.
نعم يصح أن يقال: إن كل واحدة من الحصص المذكورة مطلقة بالنسبة إلى أحوالها، كما يصح أن يقال: ذلك في الأعلام الشخصية، فعلى هذا فلا بد أن يقرر دفع الأشكال بأن الصيغة يطلق ويراد بها نفس الحصة الشخصية الموجودة بها في هذا الإطلاق التي هي معناها، ويراد الخصوصية اللاحقة لها من الخارج، كما عرفت بيانه، فيندفع الأشكال، فتأمل [1].