وأما بالنسبة إلى أزيد من ذلك المقدار فلا ريب أن الجاري إنما هو استصحاب عدم الشغل، لا استصحاب بقائه، فافهم.
الرابع ():
المرجع في تمييز مقدمية شيء شرعا وعدمها إنما هي الأدلة الشرعية، كما أن المرجع في تمييز مقدميته عقلا أو عادة إنما هما لا غير، ومن المعلوم عدم طرو الشك في المقدمية العقلية والعادية وعدمها غالبا، لإمكان تميز ذلك بالحس كذلك.
نعم قد خفي مقدمية بعض الأمور عقلا وعدم مقدميته كذلك، وهذا كما في مقدمية ترك أحد الضدين للآخر وعدمها، فلا بأس بالتعرض لتحقيق الحال فيه حسبما يسعنا المجال، بل لا بد منه، فإنه إنما [هو] مبنى الكلام في المسألة الآتية المهمة، المتفرعة عليها فروع لا تحصى، فنقول - بعون الله الملك المتعال وحسن توفيقه -:
إنهم اختلفوا في أن ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الآخر، أو لا.
المشهور أنه مقدمة مطلقا، وذهب بعض الأعلام () إلى ذلك فيما إذا كان الضد موجودا بالفعل في المحل، وأما بدونه فلا، والظاهر هو العدم مطلقا.
والذي احتج به للمشهور أو يمكن أن يحتج به هو أن يقال: إنما لو فرضنا اجتماع جميع أجزاء علة أحد الضدين في المحل عدا أنه مشغول بالضد الآخر نرى أنه يمتنع عقلا وجود ذلك الضد المفروض اجتماع أجزاء علته، فيكشف ذلك عن عدم تمامية علته، وإلا لامتنع التفكيك، والمفروض أن جهة