مع أنه لا يعقل بقاؤه من جهة أخرى أيضا: وهي أنه لو بقي لكان مستلزما لإرادة المحال، وهو اجتماع الضدين، لعدم الفرق بين أن يكون أمر واحد تعلق بنفس اجتماعهما أو يكون أمران فعلا يتعلق كل منهما بواحد منهما، ولا يمكن القول برفع هذا المحال برفع الأمر المنجز لفرض ثبوته كيف كان، وإن كان على تقدير ارتفاعه يوجب ارتفاع ذلك المحال، فلا بد من أن يكون ارتفاعه بارتفاع الأمر من الضد الآخر، وسيجئ توضيح ذلك في المسألة الآتية - إن شاء الله - فانتظر.
وقد يورد على المشهور أيضا: بأن ثبوت التمانع بين الضدين - كما قالوا به - مستلزم للدور، ضرورة أن وجود كل من المتمانعين يتوقف على عدم الآخر، وعدم الآخر أيضا يتوقف على وجود ما يتوقف وجوده على عدمه، لأن توقف الوجود على العدم إنما جاء من علية وجود أحدهما لعدم الآخر، فيتوقف وجود كل منهما على وجود نفسه، وهو دور صريح، وهو باطل، فملزومه - وهو ثبوت التمانع بين الضدين الذي صار منشأ للتوقف - مثله.
وأجاب عنه المحقق الخوانساري - قدس سره - على ما حكي عنه:
بأن التوقف وإن جاء من جهة التمانع، لكن عدم كل منهما لا ينحصر سببه في وجود الآخر [1]، بل يمكن أن يكون مستندا إلى فقد مقتض له أو شرط من شروطه، فإنه كما ينعدم كل منهما بوجود الآخر، كذلك ينعدم بعدم المقتضي أو الشرط، فلا يتوقف عدم كل منهما على وجود الآخر، فاندفع الدور.
ثم قال قدس سره: وإن فرض في المورد اجتماع جميع مقتضيات وشرائط