الثاني () - أنه لا شبهة أن الأمر الغيري المتعلق بالمقدمات إنما هو شأن من شؤون الأمر بذي المقدمة وشعبة من شعبه، فإن العقل إنما يأخذه منه، فيكون حقيقة امتثاله امتثال ذلك الأمر المتعلق بذي المقدمة، فيجب حينئذ قصد ذلك الأمر.
هذا ما يحضرنا من الوجه لما صرنا إليه، والمعتمد هو الوجه الأول، وبعده الثاني، فافهم.
ثم إنه يشكل الأمر على ما اخترناه في الحكم بصحة وضوء من توضأ بعد دخول وقت العبادة الواجبة المشروطة بالطهارة إذا لم يكن عازما على فعل تلك العبادة في ذلك الوقت أصلا، أو كان لكن [لا] بهذا الوضوء، بل قصد بذلك الوضوء غاية أخرى غير الإتيان بتلك العبادة، حيث إن صحته متوقفة على وقوعه على وجه الامتثال والطاعة، والمفروض أنه لم يأت به بعزم التوصل به إلى ما هو مقدمة له، فلم يقع بداعي ذلك الأمر المقدمي الناشئ من الأمر بتلك العبادة فلم يقع طاعة من تلك الجهة بمقتضى ما اخترناه [1].
وأما إيقاعه بداعي أمره الاستحبابي ليقع صحيحا من هذه الجهة فهو غير ممكن، إذ بعد تعلق الأمر الوجوبي به - وهو الأمر المقدمي الناشئ من الأمر