ليس من جهة اقتضاء وجوب ذواتها الذي لم يحصل بعد، بل لأجل أن تلك المقدمات من شؤون القدرة على الفعل في وقت وجوبه، بمعنى أن المكلف لو فعلها يصير متمكنا من ذواتها في وقت وجوبها، ولو تركها يتعذر عليه الإتيان بذواتها في ذلك الوقت، فيفوت عليه التكليف لذلك، فيكون تركها قبل وقت وجوب ذواتها تفويتا للتكليف بذواتها في وقت وجوبها، وتفويت التكليف مما يستقل العقل بقبحه.
لا يقال: إن مقتضى ذلك وجوب تحصيل الشرائط الوجوبية الصرفة للواجب أيضا كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج، إذ لا فرق بينها وبين القدرة لكون كل واحدة منهما من شرائط الوجوب، ويكون ترك كل منهما تفويتا موجبا لاستحقاق العقاب، ووجوب تحصيل الشرائط الوجوبية مطلقا خلاف الضرورة، فإن كان فرق بينهما فبينه [1].
لأنا نقول: نحن لا ندعي قبح التفويت كلية بل جزئية، وهي فيما إذا كان الفعل في نفسه تاما من حيث المصلحة، بحيث لا مانع من التكليف به إلا عجز المكلف من أدائه، بحيث يكون مع العجز أيضا ذا تلك المصلحة إلا أن عجزه منعه عن الإتيان به، والشرائط الوجوبية ليست كلها من هذا القبيل، بل بعضها راجع إلى شرط تحقق تلك المصلحة الداعية للأمر في المأمور به، بمعنى أن الطبيعة المأمور بها لا مصلحة ملزمة فيها بدونه، بل معه بحيث يكون موضوع