موضوعها إنما هو الجهل.
لأنا نقول: أخذ الجهل في موضوعها مسلم لكن متعلق تلك الأوامر ليس نفس المجهول أو الناقص منه، بل إنما هو تطبيق العمل في الظاهر على طبق الأصول والطرق والأمارات فلا تصلح هي موردا للنقض على ما نحن فيه.
هذا، لكن الإنصاف - والذي يقتضيه التأمل - أن العبث المذكور إنما يلزم على تقدير توجيه الخطاب على نحو الخصوصية إلى شخص خاص، إذ هو حينئذ يوجب له العلم بأن معه نجاسة، أو بأن الجلد الذي معه من الميتة - مثلا -.
وأما توجيهه على نحو العموم بأن يقال: الجاهل بالنجاسة أو بكون الجلد من الميتة يصلي ولو كان معه النجاسة واقعا، أو كان الجلد الذي معه من الميتة كذلك، فإن ذلك لا يوجب له العلم المذكور.
وقياسه بتكليف الناسي على نحو العموم باطل، فإن الناسي حال النسيان غير ملتفت إلى كونه ناسيا، فهو غير ملتفت إلى دخوله تحت عنوان ذلك الخطاب العام، فلا يجدي ذلك في حقه، لعدم صلاحيته لتحريكه نحو العمل الناقص، فيكون عبثا، لانحصار فائدة الخطاب فيه، فلا يمكن توجيه الخطاب إليه بوجه.
هذا بخلاف الجاهل، فإنه ملتفت إلى دخوله تحت العنوان العام، فيفيد في حقه الخطاب العام، فيجوز.
نعم لو فرض كونه جاهلا بالجهل المركب قاطعا للخلاف فهو كالناسي.
والذي يقتضيه النظر بطلان قياس خطاب الجاهل على نحو الخصوصية بخطاب الناسي كذلك - أيضا -، فإن العلم بالنجاسة على تقديره - أيضا - لا يلزم من خطابه بعنوان الجاهل، إذ الجهل معناه عدم العلم، وهو لا يلازم وجود المجهول في الواقع، بل إنما يلزم من الأمر بالصلاة مع النجاسة، لكن لا يجب أن يكون صورة الخطاب على هذا الوجه، بل يمكن أن يكون على الوجه