فلم تأمن من فزعه قلوبهم، بل كانوا كمن جرسوا قباب خراجهم، فلو رأيتهم في ليلتهم! وقد نامت العيون، وهدأت الأصوات، وسكنت الحركات، وقد نبههم هول يوم القيامة والوعيد، كما قال سبحانه: * (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون) * فاستيقظوا لها فزعين، وقاموا إلى صلاتهم معولين، باكين تارة، وأخرى مسبحين، يبكون في محاريبهم ويرنون، يصطفون ليلة مظلمة بهماء، يبكون.
فلو رأيتهم! يا أحنف! في ليلتهم قياما على أطرافهم، منحنية ظهورهم، يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم، قد اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم، إذا زفروا خلت النار قد أخذت منه إلى حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت في أعناقهم ... " (1) الحديث.
أقول: نكتفي هنا بذكر هذه الآيات والرواية. وقد مضى في ذيل كلامه عز وجل:
" إجعل ليلك نهارا. "، (2) وقوله عز وجل: " ويطيل قياما. " (3) آيات وروايات تدل على المقصود هنا.