الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا، إن لك في النهار سبحا طويلا) * (1) 5 - قال تعالى: * (بسم الله الرحمن الرحيم طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى) * (2) الحديث الشريف:
1 - عن محمد بن الحنفية قال: لما قدم أمير المؤمنين البصرة بعد قتال أهل الجمل، دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه والى أصحابه، فأقبل ثم قال: " يا أحنف! ادع لي أصحابي، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي.
فقال الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين! ما هذا الذي نزل بهم؟ أمن قلة الطعام، أو من هول الحرب؟
فقال صلوات الله عليه: " لا، يا أحنف! إن الله سبحانه أحب أقواما، تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة، من قبل أن يشاهدوها، فحلموا أنفسهم على مجهودها، وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه، توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى، وكتاب يبدو فيه على رؤوس الأشهاد فضائح ذنوبهم، فكادت أنفسهم تسيل سيلا، أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا، وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم من أجل المجرد [التجرد] إلى الله سبحانه غليانا.
فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم، وكانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم، فمضوا ذبل الأجسام، حزينة قلوبهم، كالحة وجوههم، ذابلة شفاههم، خامصة بطونهم، متخشعون كأنهم شنان بوالي، قد أخلصوا لله أعمالهم سرا وعلانية،