الحديث، كما يدل على الاطلاق المستفاد من الحديث صدر الوصية الماضية من علي عليه السلام لابنه حيث قال: " إلزم نفسك التودد. " إلى قوله عليه السلام: " ولعدوك عدلك وإنصافك. " والعمدة هي العناية إلى علة مطلوبية هذه الصفة من أهل الايمان وكميتها وكيفيتها.
ولعل العلة في مطلوبيتها هو لزوم كون المؤمنين أسوة حسنة في جميع شؤون حياتهم الفردية والعائلية والاجتماعية الداخلية، ومرابطاتهم مع الدول الخارجية، حتى يجلبوا الضعفاء من المؤمنين بل وغير المؤمنين بالله ورسله إلى الأخلاق الحسنة، التي هي مقتضى الفطرة الانسانية، فإن المؤمنين إذا استعملوا هذه الصفة، فسعوا في تحصيل راحة الناس، ولو بإتعاب أنفسهم، يجلبون قلوب المؤمنين وغيرهم من أية ملة ونحلة إلى الأعمال الحسنة والأخلاق الفاضلة، وتسلم مرابطاتهم مع غيرهم، فيستقر النظام ويتألف القلوب، ويذهب التنافر والتشاجر في جميع شؤون الحياة البشرية، كما يدلنا على ذلك الأخبار الواردة في بيان كيفية المرابطة مع العائلة والجار والمجتمع وغير المسلمين والدول والملل والأصدقاء في السفر وغير ذلك في الأبواب المختلفة.
وأما كيفية هذه الصفة وكميتها، فهي على حدود وشرائط وقوانين، قررها الشارع في المجالات المختلفة، كما يشير إلى بعض ذلك ذيل كلام أمير المؤمنين عليه السلام الماضي في وصيته لابنه، حيث قال عليه السلام بعد الامر بجملة من الأمور: " واضنن بدينك وعرضك من كل أحد، فإنه أسلم لدينك ودنياك. "