في أسرع من طرفة عين، ولا يبقى حجاب ولا ستر بينها وبين الله تعالى، والله عز وجل إليها مشتاق، فتجلس على عين عن يمين العرش، ثم يقال لها: (أيتها الروح! كيف تركت الدنيا؟) فتقول: (الهي! وسيدي! وعزتك وجلالك، لا علم لي بالدنيا، أنا منذ خلقتني إلى هذه الغاية خائف منك.) فيقول الله: (صدقت، عبدي! كنت بحسدك في الدنيا، وبروحك معي، فأنت بعيني، أعلم سرك وعلانيتك، سل أعطك، وتمن علي فأكرمك، هذه جنتي فتبحبح فيها، وهذا جواري فاسكنه.) فتقول الروح: (إلهي عرفتني نفسك، فاستغنيت بها عن جميع خلقك. وعزتك وجلالك، لو كان رضاك في أن أقطع إربا إربا، أو اقتل سبعين قتلة بأشد ما يقتل به الناس، لكان رضاك أحب إلي. الهي! وكيف أعجب بنفسي؟ وأنا ذليل إن لم تكرمني، وأنا مغلوب إن لم تنصرني، وأنا ضعيف ان لم تقوني، وإنا ميت إن لم تحيني بذكرك. ولولا سترك، لافتضحت أول مرة عصيتك. الهي! كيف لا أطلب رضاك؟
(٢٦)