عليه شيئا من جنة ولا نار، وأعرفه ما يمر على الناس يوم القيامة من الهول والشدة، وما أحاسب به الأغنياء والفقراء، والجهال والعلماء.
وأنور له في قبره، وانزل عليه منكرا ونكيرا حتى يسألاه ويبشراه، ولا يرى غمرة الموت وظلمة القبر واللحد وهول المطلع، ثم لا أنصب له ميزانه، ولا أنشر له ديوانه، ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشورا، ثم لا أجعل بيني وبينه ترجمانا، ثم أرفعه إلي، فينكب مرة ويقوم مرة، ويقعد مرة ويسكن مرة، ثم يجوز على الصراط، ثم يقرب له جهنم، ثم تزين له الجنة، وجيئ بالنبيين والشهداء ويتعلق المظلومين [ظ: المظلومون] بالظالمين، ويوضع الكرسي لفصل القضاء، ويقول كل إنسان لخصمه: (بيني وبينك، الحكم العدل الذي لا يجور.)، ثم أرفع الحجب بيني وبينه، فأنعمه بكلامي، وألذذه بالنظر إلي.
فمن كان فعله في الدنيا هكذا، كيف يكون رغبته في الدنيا؟ وكيف يكون حبه للدنيا؟ وهو يعلم أن كل حي فيها يموت، وأنا الحي الذي لا أموت.