- صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك " ولينفذن الله أمره " - بضم أوله وكسر الفاء، أي ليمضين الله - تعالى - أمره في نصر دينه، وحسن الاتيان بهذا الجزم بعد ذلك الترديد للتنبيه على أنه لم يورده إلا على سبيل الفرض، ووقع التصريح بذكر القسم الأول في رواية ابن إسحاق كما في القصة، فالظاهر أن الحذف وقع من بعض الرواة.
السادس عشر: قول عروة لقريش ألستم بالوالد وألست بالولد هو الصواب، ووقع لبعض رواة الصحيح عكس ذلك، وزعم أن كل واحد منكم كالولد، وقيل: معناه أنتم حي قد ولدني، لكون أمي منكم، وهذا هو الصحيح، لأنه كان لسبيعة بنت عبد شمس.
السابع عشر: في قيام المغيرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف، جواز القيام على رأس الأمين له بقصد الحراسة، ونحوها من ترهيب العدو ولا يعارضه النهي عن القيام على رأس الجالس، لان محله إذا كان على وجه العظمة والكبر.
الثامن عشر: كانت عادة العرب أن يتناول الرجل لحية من يكلمه ولا سيما عند الملاطفة، وفي الغالب إنما يفعل ذلك النظير، بالنظير لكن كان الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغضي لعروة عن ذلك استمالة له وتأليفا له، والمغيرة يمنعه إجلالا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيما.
التاسع عشر: في تعظم الصحابة رضوان الله عليهم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره يعد إشارة منهم إلى الرد على ما خشيه عروة من فرارهم، وكأنهم قالوا بلسان حالهم: من يحب إمامه هذه المحبة ويعظمه هذا التعظيم كيف يظن به أنه يفر عنه ويسلمه لعدوه بل هم أشد اغتباطا به وبدينه ونصره من القبائل التي يراعي بعضها بعضا بمجرد الرحم.
العشرون: استشكل قوله - صلى الله عليه وسلم - في مكرز هذا رجل فاجر أو غادر مع أنه لم يقع منه في قصة الحديبية فجور ظاهر، بل فيها ما يشعر بخلاف ذلك كما سبق في القصة، وفي إجازته أبا جندل لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما امتنع سهيل بن عمرو - رضي الله عنه - قبل إسلامه، وأجيب: قال محمد بن عمر في مغازيه في غزوة " بدر " إن عتبة بن ربيعة قال لقريش:
كيف نخرج من مكة وبنو كنانة خلفنا لأنا منهم على ذرارينا؟ قال: وذلك أن حفص بن الأخيف - بخاء معجمة فتحتية وبالفاء - والد مكرز كان له ولد وضئ فقتله رجل من بني بكر ابن عبد مناء بدم لهم، كان في قريش، فتكلمت قريش في ذلك، ثم اصطلحوا، فعدا مكرز بن حفص بعد ذلك على عامر بن يزيد، سيد بني بكر غرة فقتله، فنفرت من ذلك كنانة، فجاءت وقعة بدر في أثناء ذلك، وكان مكرز معروفا بالغدر وتقدم في القصة أنه أراد أن يبيت للمسلمين بالحديبية، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى هذا.
الحادي والعشرون: في صحيح مسلم عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه: أنه أول من بايع.