وروى ابن عساكر عن عطاء قال: لا أحسبه إلا رفعه إلى ابن عباس - رضي الله - تعالى - عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة قربه من مكة في غزوة الفتح " إن بمكة لأربعة نفر من قريش أربأ بهم عن الشرك، وأرغب لهم في الاسلام " قيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال:
" عتاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو " (1).
ذكر تعبئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه رضوان الله عليهم ونزولهم بابي سفيان، وما وقع في ذلك من الآيات قال ابن عقبة - رحمه الله تعالى - وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديا ينادي، لتصبح كل قبيلة قد أرحلت، ووقفت مع صاحبها عند رايته، وتظهر ما معها من الأداة والعدة. فأصبح الناس على ظهر، وقدم بين يديه الكتائب. قالوا: ومرت القبائل على قادتها. والكتائب على راياتها.
قال محمد بن عمر: وكان أول من قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد في بني سليم - بضم أوله، وفتح ثانيه، وسكون التحتية، وهم ألف، ويقال: تسعمائة، ومعهم لواءان وراية، يحمل أحد اللواءين العباس بن مرداس بكسر الميم، والاخر يحمله خفاف - بخاء معجمة مضمومة - بن ندبة - بنون مضمومة، فدال مهملة - ويحمل الراية الحجاج بن علاط - بعين مضمومة فطاء مهملتين، فلما مروا بابي سفيان، كبروا ثلاث تكبيرات، ثم مضوا، فقال أبو سفيان: يا عباس!! من هؤلاء؟ فقال: هذا خالد بن الوليد، قال: الغلام؟ قال: نعم قال: ومن معه؟ قال: بنو سليم، قال: ما لي وبني سليم!
ثم مر على أثره الزبير بن العوام في خمسمائة من المهاجرين وأفناء العرب، ومعه راية سوداء. فلما مروا بابي سفيان كبروا ثلاثا، فقال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال: هذا الزبير بن العوام، قال: ابن أختك؟ قال: نعم، ثم مرت بنو غفار - بكسر الغين المعجمة - في ثلاثمائة، يحمل رايتهم أبو ذر، ويقال: إيماء - بكسر الهمزة، وفتحها، وسكون التحتية، ممدود مصروف، وقد يقصر مع الفتح - بن رخصة - بحاء، فضاد معجمة مفتوحات، وأجاز ابن الأثير: سكون الحاء، واقتصر النووي على الفتح، وقال السهيلي: بضم الراء - فلما حاذوه، كبروا ثلاثا، فقال أبو سفيان من هؤلاء؟ قال: بنو غفار، قال: مالي ولبني غفار؟ ثم مرت أسلم في أربعمائة، فيهما لواءان يحمل أحدهما بريدة - بلفظ تصغير البرد - بن الحصيب - بضم الحاء، وفتح الصاد المهملتين، فتحتية فموحدة - والآخر ناجية - بالنون، والجيم - بن الأعجم، فلما حاذوه كبروا